الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***
وقال مالكٌ والشَّافعيُّ: يسنُّ. لنا تسعة أحاديث: 1078- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: ثنا يزيد بن هارون أنا أبو مالك قال: قلت لأبي: يا أبت، إنَّك قد صلَّيت خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ ههنا بالكوفة قريباً من خمس سنين، أكانوا يقنتون؟ فقال: أي بني محدثٌ. 1079- وقال النَّسائيُّ: أنا قتيبة عن خلف عن أبي مالك الأشجعيِّ عن أبيه قال: صلَّيت خلف النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يقنت، وصلَّيت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصلَّيت خلف عمر فلم يقنت، وصلَّيت خلف عثمان فلم يقنت، وصلَّيت خلف عليٍّ فلم يقنت. ثُمَّ قال: يا بنيَّ، إنُّها بدعةٌ. اسم أبي مالك: سعد بن طارق بن الأشيم، قال البخاريُّ: طارق بن الأشيم، له صحبة. وهذا الإسناد صحيحٌ، وقد تعصَّب أبو بكر الخطيب فقال: في صحبة طارق نظرٌ. قال: وإن صحَّ الحديث حملناه على دعاءٍ أحدثه أهل ذلك العصر. وهذا منه تعصُّبٌ باردٌ، إذ لا وجه للنَّظر بعد ثبوت صحبته عند البخاريِّ ومحمد بن سعدٍ وغيرهما ممَّن ذكر الصَّحابة؛ وأمَّا حمله فحمل من لا يفهم، لأنَّ الإنكار كان للدُّعاء في ذلك الوقت، لا لنفس الدُّعاء. ز: روى هذا الحديث أيضًا: ابن ماجه والتِّرمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وقد وثَّق أبا مالك: الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأحمد ابن عبد الله العجليُّ، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، يكتب حديثه. وقال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ. وقال العقيليُّ: لا يتابع على حديثه عن أبيه في القنوت. وذكره أبو حاتم بن حِبَّان في كتاب " الثِّقات". وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج الأشبيليُّ النَّباتيُّ: يقال: أمسك يحيى القطَّان عن الرِّواية عنه. وقد روى مسلم في " صحيحه " حديثين من رواية يزيد بن هارون عن أبي مالك عن أبيه سوى هذا. وقال البيهقيُّ: طارق بن أشيم الأشجعيُّ لم يحفظه عن من صلَّى خلفه، فرآه محدثاً، وقد حفظه غيره، فالحكم له دونه. كذا قال. وقال غيره: ليس في هذا الحديث دليلٌ على أنَّهم ما قنتوا قطُّ، بل [] اتَّفق أن طارقًا صلَّى خلف كلٍّ منهم، وأخير بما رأى، ومن المعلوم أنَّهم كانوا يقنتون في النَّوازل، وهذا الحديث يدلُّ على أنَّهم ما كانوا يحافظون على قنوتٍ راتبٍ O. 1080- الحديث الثَّاني: قال الخطيب في كتاب " القنوت " له: أخبرني عُبيد الله بن أبي الفتح ثنا المعافى بن زكريا ثنا محمد بن مرزوق ثنا محمد ابن عبد الله الأنصاريُّ ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أنَّ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يقنت إلا إذا دعا لقومٍ أو دعا على قومٍ. ز: هذا إسنادٌ صحيحٌ، والحديث نصٌّ في أنَّ القنوت مختصٌّ بالنَّازلة. 1081- وروى أبو حاتم بن حِبَّان من حديث إبراهيم بن سعد عن الزُّهريِّ عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحدٍ أو يدعو على أحدٍ. رواته ثقات O. 1082- الحديث الثَّالث: قال الخطيب: وأخبرني الحسين بن أبي الحسن ثنا عمر بن أحمد الواعظ ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا الحسن بن عليٍّ ابن عفَّان ثنا عبد الحميد الحمَّانيُّ عن سفيان عن عاصم عن أنس بن مالك أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقنت إلا شهرًا واحدًا حتى مات. فإن قالوا: عبد الحميد قد ضعَّفه أحمد. قلنا: قد وثَّقه يحيى بن معين. ز: عبد الحميد بن عبد الرَّحمن أبو يحيى الحمَّانيُّ: روى له البخاريُّ في " صحيحه". وابن سعيد هو: ابن عقدة الحافظ، وهو صاحب مناكير O. 1083- الحديث الرَّابع: قال أبو بكر أحمد بن عليٍّ: وأنا أحمد بن أبي جعفر أنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب ثنا إسحاق بن بيان أنا أبو همَّام ثنا عمر بن عبد الواحد عن ابن ثوبان عن الحسن بن الحرِّ عن إبراهيم عن الأسود عن عمر ابن الخطَّاب أنَّه لم يكن يقنت إلا أن يستنصر، قال: ولا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أبو بكر. فإن قالوا: ابن ثوبان ضعيفٌ. قلنا: قد قال يحيى: ليس به بأس. ز: ابن ثوبان هو: عبد الرَّحمن بن ثابت بن ثوبان، قال الإمام أحمد: أحاديثه مناكير. ووثَّقه أبو حاتم وغيره، وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ O. 1084- الحديث الخامس: قال أحمد بن عليِّ بن ثابت: وأنا الحسين ابن عمر بن برهان ثنا إسماعيل بن محمد الصَّفَّار أنا عبد الرَّحمن بن مرزوق ثنا شبابة ثنا قيس بن الرَّبيع عن عاصم بن سليمان قال: قلنا لأنس: إنَّ قومًا يزعمون أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يزل يقنت بالفجر. فقال: كذبوا، إنَّما قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهرًا واحدًا، يدعو على حيٍّ من أحياء المشركين. فإن قالوا: انفرد به قيس بن الرَّبيع، وقد ضعَّفه يحيى. قلنا: قد كان شعبة يثني عليه. 1085- الحديث السَّادس: قال الإمام أحمد: ثنا يحيى عن هشام ثنا قتادة عن أنس قال: قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهرًا بعد الرُّكوع، يدعو على حيٍّ من أحياء العرب، ثُمَّ تركه. أخرجاه في " الصَّحيحين". 1086- الحديث السَّابع: قال الحافظ أبو بكر الخطيب: ثنا الحسن بن الحسن بن المنذر ثنا عثمان بن أحمد ثنا إبراهيم بن الهيثم ثنا أبو غسَّان ثنا شريك عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه لم يكن يقنت في شيءٍ من الصَّلوات إلا الوتر، وكان إذا حارب قنت في الصَّلوات كلِّها، يدعو على المشركين. وفي لفظٍ يرويه أبو حمزة أيضًا عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: ما قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الغداة إلا ثلاثن ليلة، كان يدعو على فخذٍ من بني سليم، ثُمَّ تركه بعد. أبو حمزة: اسمه ميمون، قال أحمد بن حنبل: هو متروك الحديث. وقال يحيى بن معين: لا يكتب حديثه، ليس بشيءٍ. وقال النَّسائيُّ: ليس بثقةٍ. 1087- الحديث الثَّامن: قال أبو بكر بن ثابت: وثنا عليُّ بن أبي عليٍّ المعدِّل أنا أبو زرعة أحمد بن الحسين الرَّازيُّ ثنا عبد الرَّحمن بن محمد الحنظليُّ ثنا أبي ثنا هشام بن عبيد الله ثنا ابن جابر عن حمَّاد عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: قال عبد الله: ما قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شيءٍ من الصَّلوات إلا في الوتر، وأنَّه كان إذا حارب يقنت في الصَّلاة كلِّها يدعو على المشركين، وما قنت أبو بكر ولا عمر ولا عثمان حتى ماتوا، ولا قنت عليٌّ حتى حارب أهلَ الشَّام. ابن جابر: اسمه محمد، وقد ضعَّفه يحيى والنَّسائيُّ، وقال أحمد بن حنبل: لا يحدِّث عنه إلا من هو شرٌّ منه. وقال الفلاَّس: متروك الحديث. 1088- الحديث التَّاسع: قال الخطيب: وأنا محمد بن عبد الملك ثنا عليُّ بن عمر ثنا أحمد بن إسحاق بن البهلول قال: حدَّثني أبي ثنا محمد بن يعلى السُّلميُّ عن عنبسة بن عبد الرَّحمن عن ابن نافع عن أبيه عن أمِّ سلمة قالت: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن القنوت في الفجر. محمد بن يعلى: ليس بشيءٍ، قال أبو حاتم الرَّازيُّ: هو متروكٌ. وقال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به فيما خالف الثِّقات. وقد روى هذا الحديث هيَّاج بن بسطام عن عنبسة عن ابن نافع عن أبيه عن صفيَّة بنت أبي عبيد عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أحمد: هيَّاج متروك الحديث. وقال يحيى: ليس بشيءٍ. وقال ابن حِبَّان: يروي المعضلات عن الثِّقات. وقال يحيى: وعنبسة ليس بشيءٍ. وقال النَّسائيُّ: متروكٌ. وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: كان يضع الحديث. وقال ابن حِبَّان: هو صاحب أشياء موضوعة، لا يحلُّ الاحتجاج به. وأمَّا ابن نافع: فاسمه عبد الله، قال يحيى: ليس بشيءٍ. وقال عليٌّ: يروي أحاديث منكرة. وقال النَّسائيُّ: متروك الحديث. ونافع لم يصحّ له سماع من أمِّ سلمة. وصفيَّة بنت أبي عبيد لم تدرك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والاعتماد على الأحاديث الأُول، دون هذه المتأخرة، وإنَّما ذكرناها بعللها لئلا يظنَّ ظانٌّ أنَّا تركنا ما يحتجُّ به. ز: روى حديث أمِّ سلمة: ابن ماجه عن حاتم بن بكر الضَّبِّيِّ عن محمد بن يعلى زُنْبُور O. وفد احتجَّ الخصم بأحاديث، وأحاديثهم تنقسم أربعة أقسام: أحدها: ما هو مطلق، وأنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت؛ وهذا لا تنازع فيه، لأَنَّه قد ثبت أنَّه قنت. والثَّاني: مقيَّدٌ بأنَّه قنت في صلاة الصُّبح، وهذا لا نزاع فيه، لأنَّه قد فعل ذلك شهرًا. والثَّالث: لفظ محتمل (كان يقنت في الصُّبح) فنحمله على ما فعله شهر [اً] بأدلتنا، ومنه: 1089- ما رواه التِّرمذيُّ: ثنا قتيبة ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مُرَّة عن ابن أبي ليلى عن البراء بن عازب أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقنت في صلاة الصُّبح والمغرب. ز: رواه ا لإمام أحمد ومسلم وأبو داود والنَّسائيُّ، وقال التِّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ. ولم يذكر بعض الرُّواة (المغرب)، وقال الإمام أحمد بن حنبل: ليس يروى عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قنت في المغرب إلا في هذا الحديث O. 1090- أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال: أنبأنا أبو محمد الجوهريُّ أنا عليُّ بن محمد بن لؤلؤ أنا أحمد بن الوليد بن إبراهيم الأزديُّ ثنا عبد الله بن عبد المؤمن ثنا عمر بن حبيب عن هشام عن الحسن عن أنس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقنت بعد الرُّكوع في صلاة الصُّبح في الرَّكعة الأخيرة. ز: هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فإنَّ عمر بن حبيب هو: العدويُّ القاضي، وقد كذَّبه يحيى بن معين في رواية، وضعَّفه في أخرى، وقال البخاريُّ: يتكلَّمون فيه. وقال النَّسائيّ: ضعيفٌ. وقال ابن عَدِيٍّ: هو حسن الحديث، يكتب حديثه مع ضعفه. وقال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به. وعبد الله بن عبد المؤمن الواسطيُّ: محلُّه الصِّدق، وقد روى عنه ابن ماجه، وذكره ابن حِبَّان في " الثِّقات". وأحمد بن الوليد: ذكره الخطيب في " تاريخه " وقال: كان صدوقًا O. واللفظ الرَّابع صريحٌ فيه حجَّتهم: 1091- قال الإمام أحمد: ثنا عبد الرَّزَّاق أنا أبو جعفر الرَّازيُّ عن الرَّبيع بن أنس عن أنس بن مالك قال: مازال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقنت في الفجر حتى فارق الدُّنيا. 1092- وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: أنا عبد الله بن يحيى السُّكَّريُّ أنا جعفر بن محمد بن أحمد الواسطيُّ ثنا موسى بن إسحاق ثنا يحيى بن بشر ثنا جعفر الأحمر عن عيسى بن ماهان عن الرَّبيع بن أنس قال: كنت عند أنس بن مالك، فجاء رجلٌ فقال: ما تقول في القنوت؟ فبدره رجلٌ فقال: قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين يومًا. فقال أنس: ليس كما تقول، قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قبضه الله عزَّ وجلَّ. 1093- قال الخطيب: وأنا البرقانيُّ أنا إبراهيم بن محمد المزكيُّ أنا أحمد ابن محمد الأزهر ثنا أبو حمة محمد بن يوسف ثنا عبد الرَّزَّاق أنا سفيان عن أبي جعفر الرَّازيِّ عن الرَّبيع بن أنس عن أنس قال: مازال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقنت حتى فارق الدُّنيا. 1094- قال الخطيب: وأنا أبو القاسم الأزهريُّ أنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عتبة أنا أبو بكر بن زياد النَّيسابوريُّ ثنا أحمد بن يوسف السُّلميُّ ثنا عبيد الله بن موسى ثنا أبو جعفر الرَّازيُّ عن الرَّبيع بن أنس عن أنس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت شهرًا، يدعو عليهم، ثُمَّ تركه، وأمَّا في الصُّبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدُّنيا. 1095- قال الخطيب: وأنا إبراهيم بن عمر البرمكيُّ أنا أبو الفتح محمد بن الحسين الحافظ أنا إبراهيم بن عبد العزيز ثنا أحمد بن حمدون ثنا ابن عمَّار ثنا عمر بن أيُّوب عن قيس بن الرَّبيع عن أبي حصين قال: قلت لأنس ابن مالك: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك القنوت؟ قال: والله ما زال يقنت حتى لحق بالله. 1096- قال الخطيب: وأنا ابن الفضل أنا أحمد بن عثمان الآدميُّ ثنا [الحسن] بن الفضل الزَّعفرانيُّ ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث بن سعيد عن عمرو بن عبيد عن الحسن قال: قيل لأنس بن مالك: إنَّما قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهرًا. قال: مازال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقنت حتى مات، وأبو بكر حتى مات، وعمر حتى مات. 1097- قال الخطيب: وأنا محمد بن أحمد بن رزق أنا أحمد بن كامل القاضي ثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن غالب ثنا دينار بن عبد الله خادم أنس بن مالك عن أنس بن مالك قال: ما زال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقنت في صلاة الصُّبح حتى مات. 1098- قال الخطيب: وأنا البرقانيُّ أنا أبو بكر الإسماعيليُّ ثنا موسى ابن عيسى بن محمد بن حكيم ثنا صهيب بن محمد بن عبَّاد ثنا حسين بن حكيم البصريُّ ثنا السَّريُّ بن عبد الرَّحمن عن أيُّوب عن الحسن ومحمد عن أنس قال: ما زال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقنت حتى مات. والجواب: أنَّ جميع هذه الأحاديث الصَّريحة ضعاف: أمَّا الأربعة الأوائل: فراويها أبو جعفر الرَّازيُّ، واسمه عيسى بن ماهان، قال عليُّ بن المدينيِّ: كان يخلِّط. وقال يحيى: كان يخطئ. وقال أحمد بن حنبل: ليس بقويٍّ في الحديث. وقال أبو زرعة: كان يهم كثيرًا. وقال ابن حِبَّان: كان يتفرَّد بالمناكير عن المشاهير. وأمَّا حديث أبي حصين: فيرويه قيس بن الرَّبيع، قال يحيى: ليس بشيءٍ. وقال أحمد: كان كثير الخطأ في الحديث، وروى أحاديث منكرة. ثُمَّ إنَّ الرَّاوي عنه عمر بن أيُّوب، قال ابن حِبَّان: لا يحلُّ الاحتجاج به. وأمَّا حديث عمرو بن عبيد: فقال أيُّوب السَّختيانيُّ ويونس: ويونس هو: ابن عبيد. كان عمرو يكذب في الحديث. وقال ابن المدينيِّ: ليس بشيءٍ. وقال النَّسائيُّ: متروكٌ. وأمَّا حديث دينار: فإيراد الخطيب له محتجًا به، مع السكوت عن القدح فيه وقاحةٌ عند علماء النَّقل، وعصبيَّةٌ باردةٌ، وقلَّة دينٍ، لأنَّه يعلم أنَّه باطل، قال أبو حاتم بن حِبَّان: دينار يروي عن أنس أشياء موضوعة، لا يحلُّ ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه. فواعجباً للخطيب! أما سمع في الحديث الصَّحيح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حدَّث عنِّي حديثًا يرى أنَّه كذبٌ، فهو أحد الكاذبين"، وهل مثله إلا كمثل من أنفق بهرجًا ودلَّسه، فإن أكثر النَّاس لا يعرفون الكذب من الصَّحيح، وإذا أورد الحديث محدثٌ حافظٌ، وقع في النُّفوس أنَّه ما احتجَّ به إلا وهو صحيحٌ، ولكنَّ عصبيَّته معروفةٌ، ومن نظر من علماء النَّقل في: كتابه الذي صنَّفه في القنوت، وكتابه الذي صنَّفه في الجهر، ومسألة الغيم، واحتجاجه بالأحاديث التي يعلم وهاءها عَلِم فرط عصبيَّته. 1099- وقد روى في كتاب " القنوت " من حديث حمَّاد بن زيد عن العوَّام- رجلٌ من بني مازن- أنَّ أبا بكر وعمر قنتا. أترى هذا يثبت برجلٍ مجهولٍ؟! وروى من طريق جابر الجُعفيِّ عن عمر وعليٍّ، وجابرٌ كذَّاب. وروى عن عليٍّ من طريق فطر، وهو ضعيفٌ. وعن ابن عباس من طريق عمر بن حبيب، وقال يحيى: كان عمر يكذب. ومن طريق خلاس بن عمرو، وكان لا يعبأون بحديثه، والبهارج لا تخفى على النُّقاد. وأما حديث السَّريِّ: ففيه مجاهيل. ثُمَّ جميع هذه الأحاديث محمولةٌ على أَنَّه لم يترك الدُّعاء عند النَّوازل، والكلام في غير النَّوازل. ز: أجود هذه الأحاديث حديث أبي جعفر الرَّازيِّ، وله طرقٌ عدَّةٌ في كتاب " القنوت " للحافظ أبي موسى المدينيِّ. 1100- قال المحَامليُّ: ثنا أحمد بن منصور وأحمد بن عيسى قالا: ثنا أبو نُعيم ثنا أبو جعفر الرَّازيُّ عن الرَّبيع بن أنس قال: كنت جالسًا عند أنس، فقيل له: إنَّما قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهرًا. فقال: ما زال يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدُّنيا. 1101- وقال الحافظ أبو موسى: أنا الحدَّاد أنا أبو نعيم ثنا فاروق ثنا أبو مسلم ثنا أبو عمر الضَّرير ثنا النُّعمان بن عبد السَّلام عن أبي جعفر الرَّازيِّ عن الرَّبيع عن أنس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت حتى مات. 1102- وقال ابن المقرئ: ثنا أبو يعلى ثنا زهير ثنا وكيع ثنا أبو جعفر الرَّازيُّ عن الرَّبيع عن أنس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت في الفجر. قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ سنده، وثقةٌ رواته، ذاكرت به بعض الحفَّاظ فقال: غير الرَّبيع بن أنس. فما زلت أتأمَّل التَّواريخ وأقاويل الأئمة في الجرح والتعديل فلم أجد أحدًا طعن فيه. وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: الرَّبيع بن أنس صدوق، وهو أحبُّ أليَّ في أبي العالية من أبي خلدة. وقال العجليُّ: بصريٌّ صدوقٌ. وقال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ. وقال الإمام أحمد بن حنبل في أبي جعفر الرَّازيِّ: صالح الحديث. رواه حنبل عنه. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس بالقويِّ في الحديث. وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: كان ثقةً خراسانيًّا، انتقل إلى الرَّيِّ، ومات بها. وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم عن يحيى بن معين: يكتب حديثه ولكنَّه يخطئ. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: صالحٌ. وقال عباس الدُّوريُّ عن يحيى بن معين: ثقةٌ، وهو يغلط فيما يروي عن مغيرة. وقال عبد الله بن عليِّ بن المدينيِّ عن أبيه: هو نحو موسى بن عبيدة، وهو يخلِّط فيما روى عن مغيرة ونحوه. وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن عليِّ بن المدينيِّ: كان عندنا ثقةٌ. وقال محمد بن عبد الله بن عمَّار الموصليُّ: ثقةٌ. وقال عمرو بن عليٍّ: فيه ضعفٌ، وهو من أهل الصِّدق، سيء الحفظ. وقال أبو زرعة: شيخٌ يهم كثيرًا. وقال أبو حاتم: ثقةٌ، صدوقٌ، صالحُ الحديث. وقال زكريا بن يحيى السَّاجيُّ: صدوقٌ، ليس بمتقن. وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ. وقال ابن خراش: سيء الحفظ، صدوقٌ. وقال ابن عَدِيٍّ: له أحاديث صالحة، وقد روى عنه النَّاس، وأحاديثه عامتها مستقيمة، وأرجو أَنَّه لا بأس به. وقال محمد بن سعد: كان أصله من مرو، ومن قريةٍ يقال لها: (بُرَز)، وهي التي نزلها الرَّبيع بن أنس، ثُمَّ تحوَّل أبو جعفر بعد ذلك إلى الرَّيِّ فمات بها، فقيل له: الرَّازيُّ، وكان ثقةً، وكان يقدم بغداد فيسمعون منه. وإن صحَّ الحديث فهو محمولٌ على أَنَّه ما زال يطوِّل في صلاة الفجر، فإنَّ القنوت لفظٌ مشتركٌ بين الطَّاعة والقيام والسُّكوت والخشوع وغير ذلك، قال الله تعالى {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} [النحل: 120]، وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} [الزمر: 9]، وقال تعالى: {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} الاَية [الأحزاب: 31]، وقال: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43]، وقال: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وقال {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} [البقرة: 116]، وقال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أفضل الصَّلاة طول القنوت". 1103- وقال الحسن بن سفيان في " مسنده ": ثنا جعفر بن مهران السَّبَّاك ثنا عبد الوارث بن سعيد ثنا عوف عن الحسن عن أنس قال: صلَّيت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته، وخلف عمر فلم يزل يقنت في صلاة حتى فارقت. رواه أبو سعيد النَّقَّاش عن بشر بن أحمد ومنصور بن العباس ومحمد بن أحمد العُمريُّ ومحمد بن أحمد بن القاسم الدِّهِسْتانيُّ قالوا: ثنا الحسن بهذا. قال الحافظ أبو موسى: وجعفر بن مهران من جملة الثِّقات، فلم يبق في هذا الإسناد إشكالٌ يطعن به عليه. 1104- وقال أبو خليفة: ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث عن عمرو عن الحسن عن أنس قال: صلَّيت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يزل يقنت بعد الرُّكوع حتى فارقته، وصلَّيت مع أبي بكر وعمر فلم يزالا يقنتان بعد الرُّكوع في صلاة الغداة حتى فارقتهما. وكذا رواه أبو عمر الحوضيُّ عن عبد الوارث فقال: عن عمرو، وهو ابن عبيد رأس الاعتزال. وهذا هو المحفوظ عن عبد الوارث، وهو علَّةٌ لحديث السَّبَّاك، ولعلَّه عند عبد الوارث عن هذا وعن هذا لكنَّه بعيدٌ، ولو كان عند أبي معمر عن عبد الوارث عن عوف ما تأخَّر البخاريُّ عن إخراجه، والسَّبَّاك ثقةٌ، لكنَّ الثِّقة يغلط. 1105- وقال سفيان: عن منصور عن إبراهيم عن أبي الشَّعثاء- وهو من أئمة التَّابعين- قال: سألت ابن عمر عن القنوت في الفجر، فقال: ما شعرت أنَّ أحدًا يفعله. 1106- وقال مالك عن نافع: كان ابن عمر لا يقنت في الفجر. 1107- وقال عبد الله بن أبي نجيح: سألت سالم بن عبد الله: هل كان عمر يقنت في الصُّبح؟ قال: لا، إنَّما هو شيءٌ أحدثه النَّاس. 1108- وقال معمر: كان الزُّهريُّ يقول: من أين أخذ النَّاس القنوت- وتعجَّب-؟! إنَّما قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيَّامًا ثُمَّ ترك ذلك. قال أبو محمد بن حزم: صحَّ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن أصحابه، أنَّهم قنتوا وتركوا، وكلٌّ مباح؛ فأمَّا قول مالك الأشجعيِّ (إنَّه بدعة) فمراده الرَّاتب، وأخبر بما رأى من التَّرك: وجهل الفعل في وقتٍ. قال: والعجب من المالكيَّة يحتجُّون بابن عمر قولاً وفعلاً ثُمَّ سهل عليهم مخالفته ومخالفة أبيه وابنه! قال: والقنوت يمكن أن يخفى، لأنَّه سكوتٌ متصلٌ بقيامٍ. وقد قنت نبيُّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّات في أوقاتٍ مختلفةٍ، قنت للقرَّاء، وقنت يدعو بالنَّجاة للمستضعفين بمكَّة، وقنت يوم أحدٍ. واعلم أنَّ قول المؤلِّف في حديث قيس بن الرَّبيع: (ثُمَّ إنَّ الرَّاوي عنه عمر بن أيُّوب، قال ابن حِبَّان: لا يحلُّ الاحتجاج به) وهمٌ، فإن ابن حِبَّان إنَّما ضعَّف عمر بن أيُّوب المزنيَّ، وأمَّا الرَّاوي عن قيس فهو الموصليُّ أبو حفص العبديُّ، وقد روى له مسلمٌ في " صحيحه "، وروى عنه الإمام أحمد بن حنبل، وأثنى عليه، وقال يحيى بن معين: ثقةٌ مأمون. وقال أبو داود: ثقةٌ. قد ترك المؤلِّف الكلام على غير واحدٍ من الضُّعفاء والمجاهيل، وتكلَّم في من هو أحسن حالاً منهم، فممَّن لم ينبِّه عليه من الضُّعفاء: أبو عبد الله أحمد ابن محمد بن غالب، الرَّاوي عن دينار، ويعرف بـ " غلام خليل"، وكان كذَّابًا، وقال أبو داود: أخشى أن يكون دجَّال بغداد. ولمَّا مات لم يصلِّ عليه أبو داود، وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: متروكٌ. وقال ابن عَدِيٍّ: هو بيِّن الأمر في الضُّعفاء O.
وقال مالك وأبو حنيفة: قبله. لنا حديثان: أحدهما: حديث أنس: قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الرُّكوع شهرًا. وقد تقدَّم بإسناده، وهو في " الصَّحيحين". 1109- وقال الإمام أحمد: ثنا يحيى أنا التَّيميُّ عن أبي مجْلَز عن أنس قال: قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهرًا بعد الرُّكوع، يدعو على رِعْل وذَكْوان. انفرد بإخراجه مسلمٌ. 1110- الحديث الثَّاني: قال الخطيب: أنا محمد بن أحمد الدَّقَّاق أنا محمد بن عبد الله الشَّافعيُّ ثنا أبو الوليد محمد بن أحمد الأنطاكيُّ ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعيِّ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت في صلاة العشاء الآخرة، في الرَّكعة الأخيرة بعد الرُّكوع. احتجُّوا بحديثين: 1111- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: ثنا أبو معاوية ثنا عاصم الأحول عن أنس، قال: سألته عن القنوت: أقبل الرُّكوع أو بعد الرُّكوع؟ [فقال: قبل الركوع. ] فقلت: إنََّّهم يزعمون أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت بعد الرُّكوع؟ فقال: كذبوا. أخرجاه في " الصَّحيحين". 1112- الحديث الثَّاني: قال الخطيب: ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد الأهوازيُّ أنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا أحمد بن الحسين بن عبد الملك ثنا منصور ابن أبي نويرة عن شريك عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقنت في الوتر قبل الرُّكوع. والجواب: أنَّ حفَّاظ الحديث قدَّموا أحاديثنا، فقال أبو بكر الخطيب: الأحاديث التي جاء فيها قبل الرُّكوع كلُّها معلولةٌ. ز: خبر عاصم في " الصَّحيحين"، وقد نقل أنَّه محمول على طول القيام، وتطويل الصُّبح. 1113- وروى عبد العزيز بن صهيب عن أنس أنَّه سئل عن القنوت: بعد الرُّكوع أو عند فراغٍ من القراءة؟ قال: لا، بل عند فراغٍ من القراءة. رواه البخاريُّ. وقال الأثرم: قلت لأحمد: يقول أحدٌ في حديث أنس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت قبل الرُّكوع غير عاصم الأحول؟ فقال: ما علمت أحدًا يقوله غيره، خالفهم كلَّهم: هشام عن قتادة، والتَّيميُّ عن أبي مجلز، وأيُّوب عن ابن سيرين، وغير واحدٍ عن حنظلة السَّدوسيُّ، كلَّهم عن أنس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت بعد الرُّكوع. قيل لأحمد بن حنبل: سائر الأحاديث أليس إنَّما هي بعد الرُّكوع؟ قال: بلى، خُفاف بن إيماء وأبو هريرة. قلت لأبي عبد الله: فلم ترخِّص إذًا في القنوت قبل الركوع، وإنما صحَّ بعده؟! فقال: القنوت في الفجر بعد الرُّكوع، وفي الوتر يختار بعد الرُّكوع، ومن قنت قبل الرُّكوع فلا بأس، لفعل الصَّحابة واختلافهم، فأمَّا في الفجر فبعد الرُّكوع. 1114- وقال أبو همَّام السَّكونيُّ: ثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس، وسئل عن القنوت في صلاة الصُّبح: قبل الرُّكوع أم بعد؟ فقال: كلاً قد كنا نفعل، قبل وبعد. رواه ابن ماجه عن نصر بن عليٍّ عن سهل بن يوسف عن حميد. وقال أبو موسى المدينيُّ: هذا إسنادٌ صحيحٌ، لا مطعن على أحدٍ من رواته بوجهٍ O.
وزاد داود فجعلها شرطًا. وقال أكثرهم: لا تجب. لنا ثلاثة أحاديث: 1115- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد هممت أن آمر المؤذِّن فيؤذِّن، ثُمَّ آمر رجلاً فيصلِّي بالنَّاس، ثُمَّ انطلق معي برجالٍ معهم حزم الحطب إلى قومٍ يتخلَّفون عن الصَّلاة، فأحرِّق عليهم بيوتهم بالنَّار". أخرجه البخاري ومسلم في " الصَّحيحين". 1116- الحديث الثَّاني: قال أحمد: وثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد هممت أن آمر رجلاً فيصلِّي بالنَّاس، ثُمَّ آمر بأُناسٍ لا يصلُّون معنا، فنحرِّق عليهم بيوتهم". ز: هذا الحديث رواه مسلمٌ بغير هذا اللفظ، فقال: 1117- ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص سمعه منه عن عبد الله أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لقومٍ يتخلَّفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلاً يصلِّي بالنَّاس، ثُمَّ أحرِّق على رجالٍ يتخلَّفون عن الجمعة بيوتهم". 1118- قال مسلمٌ: وثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن بشر العبديُّ ثنا زكريا بن أبي زائدة ثنا عبد الملك بن عمير عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: لقد رأيتنا وما تخلَّف عن الصَّلاة إلا منافق قد علم نفاقه أو مريضٌ، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصَّلاة. وقال: إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَّمنا سنن الهدى، وإنَّ من سنن الهدى الصَّلاة في المسجد الذي يؤذَّن فيه. 1119- قال مسلم: وثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا الفضل بن دكين عن أبي العميس عن عليِّ بن الأقمر عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: من سرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصَّلوات حيث ينادى بهنَّ، فإنَّ الله شرع لنبيِّكم سنن الهدى، وإنَّهنَّ من سنن الهدى، ولو أنَّكم صلَّيتم في بيوتكم كما يصلِّي هذا المتخلِّف في بيته لتركتم سنَّة نبيِّكم، ولو تركتم سنَّة نبيِّكم لضللتم، وما من رجلٍ يتطهَّر فيحسن الطُّهور، ثُمَّ يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكلِّ خطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجة، ويحطُّ عنه بها سيِّئةً، ولقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافق معلوم النِّفاق، ولقد كان الرَّجل يؤتى به يهادى بين الرَّجلين حتى يقام في الصَّف O. 1120- الحديث الثَّالث: قال أحمد: وثنا أبو النَّضر ثنا شيبان عن عاصم عن أبي رزين عن عمرو بن أمِّ مكتوم قال: جئت رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله، أنا ضريرٌ، شاسع الدَّار، ولي قائدٌ لا يلائمني، فهل تجد لي رخصة أن أصلِّي في بيتي؟ قال: "أتسمع النِّداء؟ " قلت: نعم. قال: "ما أجد لك رخصةً". ز: رواه أبو داود من حديث حمَّاد بن زيد عن عاصم بن بهدلة، وابن ماجه من رواية زائدة عن عاصم، والحاكم في " المستدرك " من طريق حمَّاد بن سلمة عن عاصم. 1121- وروى سفيان الثَّوريُّ عن عبد الرَّحمن بن عابس عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن ابن أمِّ مكتوم أَنَّه قال: يا رسول الله، إنَّ المدينة كثيرة الهوام والسِّباع. فقال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تسمع (حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح)؟ " قال: نعم. قال: "فحيَّ هلاً". رواه أبو داود والنَّسائيُّ والحاكم أبو عبد الله وصحَّحه. قال النَّسائيُّ: وقد اختلف على ابن أبي ليلى في هذا الحديث، فرواه بعضهم عنه مرسلاً O. 1122- طريق آخر: قال أحمد: وثنا عبد الصَّمد ثنا عبد العزيز ابن مسلم ثنا الحصين عن عبد الله بن شدَّاد بن الهاد عن ابن أمِّ مكتوم أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى المسجد فرأى في القوم رقةً، فقال: "أنِّي لأهمُّ أن أجعل للنَّاس إمامًا، ثُمَّ أخرج فلا أقدر على إنسان يتخلَّف عن الصَّلاة في بيته إلا أحرقته عليه". فقال ابن أمِّ مكتوم: يا رسول الله، إنَّ بيني وبين المسجد نخلاً وشجرًا، ولا أقدر على قائدٍ كلَّ ساعةٍ، أيسعني أن أصلِّي في بيتي؟ فقال: "أتسمع الإقامة؟ " قال: نعم. قال: "فأتها". ز: رواه الحاكم في " مستدركه " بمعناه، من رواية أبي جعفر الرَّازيِّ عن حصين بن عبد الرَّحمن، وصحَّحه O. احتجَّ داود: 1123- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمد بن يحيى [بن] مرداس ثنا أبو داود ثنا قتيبة ثنا جرير عن أبي جناب عن مغراء العبديِّ عن عَدِيٍّ بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سمع المنادي فلم يمنعه من اتِّباعه عذرٌ- قالوا: وما العذر؟ قال: خوفٌ أو مرضٌ- لم تقبل منه الصَّلاة التي صلَّى". أبو جناب: اسمه يحيى بن أبي حيَّة، كان يحيى القطَّان يقول: لا أستحل أن أروي عنه. وقال الفلاَّس: متروك الحديث. وقال يحيى ابن معين: هو صدوقٌ، لكنَّه يدلِّس. ز: روى هذا الحديث أبو داود في " سننه " بهذا الإسناد وأبو حاتم البستيُّ والحاكم بنحوه. وأبو جناب: ضعَّفه عثمان بن سعيد الدَّارميُّ ومحمد بن سعد كاتب الواقديِّ وأحمد بن عبد الله العجليُّ ويعقوب بن سفيان الفارسيُّ والنَّسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ وغيرهم، وقال أبو زرعة الرَّازيُّ وابن خراش: كان صدوقًا، وكان يدلِّس. وقال ابن عَدِيٍّ: هو من جملة الشِّيعة. 1124- وقال ابن ماجه في " سننه ": ثنا عبد الحميد بن بيان الواسطيُّ أنا هُشيم عن شعبة عن عَدِيٍّ بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من سمع النِّداء فلم يأته، فلا صلاة له، إلا من عذر". ورواه بقي بن مخلد عن عبد الحميد، ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ عن عليِّ بن عبد الله بن مبشّر عن عبد الحميد، وهو ثقةٌ من شيوخ مسلم. 1125- وقال قاسم بن أصبغ: ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا حفص بن عمر وسليمان بن حرب وعمرو بن مرزوق قالوا: ثنا شعبة عن عَدِيِّ بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: من سمع النِّداء فلم يجب، فلا صلاة له، إلا من عذر. قال إسماعيل: فبهذا الإسناد رواه النَّاس عن شعبة. 1126- وحدَّثنا أيضًا سليمان عنه عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من سمع النِّداء فلم يجب فلا صلاة له". ثنا بهذا سليمان مرفوعًا، وبالأوَّل موقوفًا. 1127- وروى الدَّارَقُطْنِيُّ والحاكم من رواية عبد الرَّحمن بن غزوان قراد عن شعبة عن عَدِيِّ بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من سمع النِّداء فلم يجب، فلا صلاة له". ورواه الحاكم أيضًا من رواية عبد الحميد وغيره عن هُشيم ثنا شعبة. فذكره، وقال: على شرطهما، وقد وقفه غُنْدر وأكثر أصحاب شعبة، وهُشيم وقُراد ثقتان. 1128- وروى الحاكم من رواية سوار بن سهل البصريِّ: ثنا سعيد ابن عامر عن شعبة عن عَدِيٍّ عن سعيد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سمع النِّداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذرٍ". تابعه داود عن الحكم عن شعبة. وداود وسوار لا يعرفان. قاله شيخنا أبو الحجَّاج. 1129- وروى أيضًا من رواية أبي بكر بن عيَّاش عن أبي حَصِيْن عن أبي بُردة عن أبيه: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سمع النِّداء فارغًا صحيحًا فلم يجب، فلا صلاة له". وقال: صحيحٌ. كذا رواه مرفوعًا، والمعروف أَنَّه موقوفٌ على أبي موسى. وقد رواه البيهقيُّ من رواية أبي بكر بن عيَّاش عن أبي حَصِيْن مرفوعًا، ومن رواية مِسْعَر وزائدة بن قدامة عن أبي حَصِيْن موقوفًا، والله أعلم O.
وقال أبو حنيفة: إن شاء كبَّر معه، وإن شاء كبَّر بعده. لنا أربعة أحاديث: 1130- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمر عن الزُّهريِّ عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّما جعل الإمام ليؤتَّم به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا". 1131- الحديث الثَّاني: قال أحمد: وثنا يحيى ثنا هشام قال: أخبرني أبي عن عائشة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنَّما جعل الإمام ليؤتمَّ به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا". 1132- الحديث الثَّالث: قال أحمد: وثنا عبد الرَّحمن عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن [يزيد] ثنا البراء بن عازب قال: كنَّا إذا صلَّينا خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرفع رأسه من الرُّكوع، لم يحن رجلٌ منَّا ظهره حتى يسجد رسول الله فنسجد. الأحاديث الثَّلاثة في " الصَّحيحين". 1133- الحديث الرَّابع: قال أحمد: وثنا يحيى بن سعيد ثنا هشام ثنا قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله عن أبي موسى عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "أقيموا صفوفكم، وليؤمَّكم أقرؤكم، فإذا كبَّر وركع، فكبِّروا واركعوا، فإنَّ الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم، وإذا كبَّر وسجد، فكبِّروا واسجدوا، فإنَّ الإمام يسجد قبلكم، ويرفع قبلكم". انفرد بإخراجه مسلم.
وقال أبو حنيفة: يكره إلا الفجر والعشاء والعيد. 1134- قال الإمام أحمد: ثنا يحيى عن عُبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله". 1135- قال أحمد: وثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزُّهريِّ عن سالم عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا استأذنت أحدكم امرأته أن تأتي المسجد فلا يمنعها". 1136- قال أحمد: وثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن الأعمش ثنا مجاهد قال: قال عبد الله بن عمر: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائذنوا للنساء إلى المسجد بالليل". الطرق الثَّلاثة في " الصَّحيحين".
وعنه: لا يستحبُّ، كقول أبي حنيفة ومالك. لنا: حديث أمِّ ورقة: أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن لها أن تؤمَّ نساءها. وقد سبق في مسائل الأذان. وروي في حديث: وتصلِّي معهنَّ في الصَّفِّ.
وقال أبو حنيفة: تبطل صلاة من يلي جانبيها، ومن يحاذيها من ورائها. وقال داود: تبطل صلاتها دون الرِّجال. لنا: 1137- ما روى الإمام أحمد: ثنا سفيان عن الزُّهريِّ عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي صلاته من الليل، وأنا معترضةٌ بينه وبين القبلة، كاعتراض الجنازة. أخرجاه في " الصَّحيحين". احتجُّوا بحديثين: الحديث الأوَّل: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يقطع الصَّلاة: المرأة، والكلب، والحمار". وقد ذكرناه بإسناده فيما يقطع الصَّلاة. قلنا: إنَّما هذا إذا مرَّت بين يديّ المصلِّي، ولهذا في أوَّل حديث أبي ذرٍّ: "يقطع صلاة الرَّجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرَّحل: المرأة، والحمار، والكلب الأسود"، وقد ذكرناه أيضًا بإسناده. 1138- الحديث الثَّاني: قال مسلم بن الحجَّاج: ثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنَّ جدَّته مليكة دعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لطعامٍ صنعته، فأكل منه، ثُمَّ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قوموا فلأُصَلِّي لكم". قال أنس: فقمت إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طول ما لُبس، فنضحته بماءٍ، فقام عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقمت أنا واليتيم وراءه، وقامت العجوز من ورائنا، فصلَّى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين، ثُمَّ انصرف. أخرجاه في " الصَّحيحين". قالوا: وهذا يدلُّ على أنَّه ليس لها في الصَّفِّ موقفٌ. قلنا: لا ينكر أنَّ موقفها متأخِّرٌ، لكن ندبًا لا وجوبًا.
لنا أربعة أحاديث: الحديث الأوَّل: حديث أبي موسى: "وليؤمّكم أقرؤكم". وقد تقدَّم باسناده. 1139- الحديث الثَّاني: قال الإمام أحمد: ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضَمْعَج عن أبي مسعود الأنصاريِّ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يؤمُّ القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسُّنَّة، فإن كانوا في السُّنَّة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأكبرهم سنًّا، ولا تؤمَّنَّ رجلاً في سلطانه، ولا تجلس على تكرمته في بيته، حتى يأذن لك". ز: إسماعيل بن رجاء الزُّبيديُّ الكوفيُّ: وثَّقه يحيى بن معين وأبو حاتم والنَّسائيُّ، وقال الأعمش: كان يجمع صبيان المكاتب ويحدِّثهم، لكي لا ينسى حديثه. وأوس بن ضَمْعَج الحضرميُّ ويقال: النخعيُّ الكوفيُّ، روى له الجماعة سوى البخاريُّ هذا الحديث الواحد، وقال ابن أبي حاتم: ثنا محمد بن سعيد المقرئ قال: قيل لعبد الرَّحمن- يعني: ابن الحكم بن بشير-: من أوس ابن ضَمْعَج؟ فقال: قال إسماعيل بن أبي خالد: كان من القرَّاء الأُول. وذكر منه فضلاً. وقال محمود بن غيلان: ثنا شبابة ثنا شعبة- وذكر عنده أوس بن ضَمْعَج- فقال: والله ما أراه إلا كان شيطانًا! يعني لجودة حديثه. وقال أبو معين الحُسين بن الحسن الرَّازيُّ: قيل ليحيى بن معين: أوس بن ضَمْعَج الذي روى عن سلمان، وروى عنه أبو إسحاق الهمداني؟ قال: لا أعرفه. قال شيخنا أبو الحجَّاج: كأنَّه أراد أنَّه غير الذي روى عنه إسماعيل بن رجاء، وأمَّا الذي روى عنه إسماعيل بن رجاء فإنَّه معروفٌ مشهورٌ، والله أعلم O. 1140- الحديث الثَّالث: قال أحمد: وثنا يحيى ثنا هشام وشعبة قالا: ثنا قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا كانوا ثلاثة فليؤمُّهم أحدهم، وأحقُّهم بالإمامة أقرؤهم". انفرد مسلمٌ بإخراج هذه الأحاديث الثَّلاثة. 1141- الحديث الرَّابع: قال أحمد: وثنا إسماعيل أنا أيُّوب عن عمرو ابن سَلِمة قال: كان الرُّكبان يمرُّون بنا راجعين من عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأدنو منهم، فأسمع، حتى حفظت قرآنًا، فانطلق أبي بإسلام قومه، فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قدِّموا أكثركم قرآنًا". فنظروا، فما وجدوا منهم أحدًا أكثر قرآنًا منِّي، فقدَّموني وأنا غلامٌ، فصلَّيت بهم. انفرد بإخراجه البخاريُّ.
وعنه: تصحُّ، كقول أبي حنيفة والشَّافعيِّ. لنا ثلاثة أحاديث: 1142- الحديث الأوَّل: قال أبو بكر أحمد بن عليٍّ الخطيب: أنبأ أبو الحسن عليُّ بن أحمد الرزَّاز أنا أبو الحسين محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازيُّ ثنا عمرو بن تميم الطَّبريُّ ثنا هوذة بن خليفة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن سَرَّكم أن تزكُّوا صلاتكم، فقدِّموا خياركم". قال الخطيب: هذا حديثٌ منكرٌ بهذا الإسناد، ورجاله كلُّهم ثقات، والحمل فيه على الرَّازيِّ. ز: هذا الحديث ليس بصحيحٍ، ولو صحَّ لم يكن فيه دليلٌ على أنَّ إمامة الفاسق لا تصحُّ. ومحمد بن إسماعيل بن موسى بن هارون أبو الحسين الرَّازيُّ المكتب: ذكره الخطيب في " التَّاريخ"، وروى له أحاديث باطلة غير هذا الحديث، وقال: كان غير ثقةٍ. وقال حمزة السَّهميُّ: سمعت أبا محمد ابن غلام الزُّهريِّ يقول: محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازيُّ المكتب ضعيفٌ. وكذَّبَه هبة الله بن الحسن الطَّبريُّ اللالكائيُّ الحافظ O. 1143- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمد بن أحمد بن أسد الهرويُّ ثنا الحسين بن نصر المؤدِّب ثنا سلام بن سليمان ثنا عمر- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: هو عندي عمر بن يزيد، قاضي المدائن- عن محمد بن واسع عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجعلوا أئمَّتكم خياركم، فإنَّهم وفدكم فيما بينكم وبين ربِّكم". ز: هذا حديث منكرٌ، ولو صحَّ حُمل على الأولويَّة. وسلام بن سليمان هو: أبو العباس المدائنيُّ الضَّرير، وقد تكلَّم فيه أبو حاتم والعقيليُّ وابن عَدِيٍّ. والحسين بن نصر هو: المؤدِّب، أبو عليٍّ الفارسيُّ، ويعرف بـ " الخُرْسيِّ"، ذكره الخطيب في " التَّاريخ"، ولم يتكلَّم فيه بجرحٍ ولا تعديل. وشيخ الدَّارَقُطْنِيُّ: وثَّقه الخطيب، ووصفه بالحفظ، ويعرف بـ " ابن البُسْتنبان". وقد روى البيهقيُّ هذا الحديث في " السُّنن الكبير " عن أبي حازم الحافظ عن أبي أحمد الحافظ عن أبي بكر محمد بن أحمد بن أسد الهرويِّ عن حسين بن نصر عن سلام بن سليمان عن عمر بن عبد الرَّحمن بن يزيد عن ابن واسع. وقال: إسناد هذا الحديث ضعيفٌ O. 1144- الحديث الثَّالث: رواه أصحابنا من حديث عليٍّ عليه السَّلام عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "لا تقدِّموا صبيانكم ولا سفهاءكم في صلاتكم، فإنَّهم وفدكم إلى الله تعالى". ز: هذا حديثٌ لا يصحُّ، ولا يعرف له إسنادٌ صحيحٌ، بل روي بعضه بإسنادٍ مظلمٍ: 1145- قال عبد الله بن زيدان البجليُّ الكوفيُّ: ثنا أبي ثنا موسى بن هشام البجليُّ عن يحيى بن يعلى ثنا عبد الله بن زيد عن حرملة بن عمر عن عبد العزيز بن حكيم عن عليٍّ بن أبي طالب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تقدِّموا سفهاءكم في صلاتكم، ولا على جنائزكم، فإنَّهم وفدكم إلى ربِّكم". قال شيخنا أبو الحجَّاج: في إسناده غير واحدٍ من المجهولين. 1146- وقد روي عن جابر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "لا تؤمَّنَّ امراةٌ رجلاً، ولا أعرابيٌّ مهاجرًا، ولا يؤمَّنَّ فاجرٌ مؤمنًا، إلا أن يقهره بسلطانٍ، يخاف سوطه وسيفه". رواه ابن ماجه عن محمد بن عبد الله بن نمير عن الوليد بن بكير عن عبد الله بن محمد عن عليِّ بن زيد بن جُدعان عن سعيد بن المسيّب عن جابر. ورواه موسى بن داود عن الوليد بن بكير فقال: عن محمد بن عبد الله. وابن جُدعان: تكلَّم فيه غير واحدٍ من الأئمة. والحمل في هذا الحديث على: عبد الله بن محمد العدويِّ التَّميميِّ، ويكنى أبا الحباب، قال وكيع: يضع الحديث. رواه ابنه سفيان عنه، وقال البخاريُّ: منكر الحديث، لا يتابع في حديثه. وقال أبو حاتم: منكر الحديث، شيخٌ مجهولٌ. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: متروكٌ. وقال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج بخبره. وقال ابن عَدِيٍّ: له من الحديث شيءٌ يسيرٌ O. احتجُّوا بستَّة أحاديث: 1147- الحديث الأوَّل: قال عمر بن شاهين: ثنا أحمد بن محمد ابن [أبي] شيبة ثنا [محمد بن عمرو] بن حنان ثنا أبو إسحاق القِنَّسْرِينيُّ قال: حدَّثني فرات بن سلمان عن محمد بن علوان عن الحارث عن عليٍّ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أصل الدِّين الصَّلاة خلف كلِّ برٍّ وفاجرٍ، والصَّلاة على من مات من أهل القبلة". 1148- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمد بن أحمد بن أسد الهرويُّ ثنا أبو الأخوص محمد بن نصر المخرميُّ ثنا محمد بن أحمد الحرانيُّ ثنا مخلد بن يزيد عن عمر بن صبح عن منصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ثلاثٌ من السُّنَّة: الصَّفُّ خلف كلِّ إمامٍ، لك صلاتك وعليه إثمه؛ والجهاد مع كلِّ أميرٍ، لك جهادك وعليه شرُّه؛ والصَّلاة على كلِّ ميِّتٍ من أهل التَّوحيد، وإن كان قاتل نفسه". 1149- الحديث الثَّالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرميُّ ثنا عليٌّ ثنا عليُّ بن مسلمٍ ثنا ابن أبي فديك ثنا عبد الله بن محمد ابن يحيى بن عروة عن هشام بن عروة عن أبي صالح السَّمَّان عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "سيليكم بعدي ولاةٌ، فيليكم البرُّ ببرِّه، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا فيما وافق الحقَّ، وصلَّوا وراءهم، فإن أحسنوا فلكم، وإن أساءوا فلكم وعليهم". 1150- طريقٌ ثانٍ: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا محمد بن سليمان النُّعمانيُّ ثنا محمد بن عمرو بن حَنان ثنا بقيَّة ثنا الأشعث عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصَّلاة واجبةٌ عليكم مع كلِّ مسلمٍ، برٍّ كان أو فاجرٍ، وإن هو عمل بالكبائر؛ والجهاد واجبٌ عليكم مع كلِّ أمير، برٍّ كان أو فاجرٍ وإن هو عمل بالكبائر". 1151- طريقٌ ثالثٌ: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا أبو روق الهِزَّانيُّ ثنا بحر ابن نصر ثنا ابن وهبٍ قال: حدَّثني معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "صلُّوا خلف كلِّ برٍّ وفاجرٍ، وصلُّوا على كلِّ برٍّ وفاجرٍ، وجاهدوا مع كلِّ برٍّ وفاجرٍ". 1152- الحديث الرَّابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا محمد بن عبد الله الشَّافعيُّ ثنا محمد بن حمَّاد بن ماهان ثنا عيسى بن إبراهيم البركيُّ ثنا الحارث ابن نبهان ثنا عتبة بن اليقظان عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تكفِّروا أهل مِلَّتكم، وإن عملوا بالكبائر، وصلُّوا مع كلِّ إمامٍ، وجاهدوا مع كلِّ أميرٍ، وصلُّوا على كلِّ ميِّتٍ". وفي رواية عتبة عن أبي سعيد الشَّاميِّ، وفيه: "صلُّوا على كلِّ ميِّتٍ من أهل القبلة". 1153- الحديث الخامس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا إسماعيل بن العباس الورَّاق ثنا عبَّاد بن الوليد ثنا الوليد بن الحجَّاج الخرسانيُّ عن مكرم بن حكيم الخثعميِّ عن سيف بن منير عن أبي الدَّرداء قال: أربع خصال سمعتهن من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [سمعته] يقول: "لا تكفِّروا أحدًا من أهل قبلتي بذنبٍ، وإن عملوا الكبائر، وصلُّوا خلف كلِّ إمام، وجاهدوا مع كلِّ أميرٍ، والرَّابعة: لا تقولوا في أبي بكر الصِّدِّيق ولا في عمر ولا في عثمان بن عفَّان ولا في عليٍّ إلا خيرًا، قولوا: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 134]. 1154- طريقٌ ثانٍ: قال العقيليُّ: ثنا إبراهيم بن عبد الوهَّاب الأَبْزَاريُّ ثنا إسحاق بن وهب العلاَّف ثنا الوليد بن الفضل العنزيُّ ثنا عبد الجبَّار بن الحجَّاج بن ميمون عن مكرم بن حكيم عن منير بن سيف عن أبي الدَّرداء قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "صلُّوا خلف كلِّ إمامٍ، وقاتلوا مع كلِّ أميرٍ". 1155- الحديث السَّادس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمد بن إسماعيل الفارسيُّ ثنا محمد بن عبد الله البصريُّ ثنا حجَّاج بن نصير ثنا عثمان بن عبد الرَّحمن عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صلُّوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلُّوا خلف من قال: لا إله إلا الله". 1156- طريقٌ ثانٍ: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا محمد بن عمرو [بن] البختريُّ ثنا محمد بن عيسى بن حَيَّان ثنا محمد بن الفضل ثنا سالم الأفطس عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صلُّوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلُّوا وراء من قال: لا إله إلا الله". 1157- طريقٌ ثالثٌ: قال الحافظ أبو بكر أحمد بن عليِّ بن ثابت الخطيب: ثنا محمد بن عليِّ بن يعقوب القاضي ثنا إسحاق بن إبراهيم بن أحمد الجرجانيُّ ثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرَّازيُّ ثنا العباس بن حمزة ثنا عبد السَّلام بن مسلم الدِّمشقيُّ ثنا وهب بن وهب عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "صلُّوا خلف من قال: لا إله إلا الله، وصلُّوا على من قال: لا إله إلا الله". 1158- طريقٌ رابعٌ: قال الخطيب: وأنا محمد بن عليٍّ بن مخلد ثنا أبو حفص عمر بن محمد النَّاقد ثنا عليُّ بن إسحاق بن زاطِيَا ثنا عثمان بن عبد الله العثمانيُّ ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "صلُّوا خلف من قال: لا إله إلا الله، وصلُّوا على من مات من أهل لا إله إلا الله". 1159- طريقٌ خامسٌ: قال الخطيب: وأنا أبو الحسين محمد بن عبد الرَّحمن بن عثمان التَّميميُّ أنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجيُّ ثنا عثمان بن نصر الطَّائيُّ ثنا العلاء بن سالم الواسطيُّ ثنا أبو الوليد المخزوميُّ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صلُّوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلُّوا وراء من قال: لا إله إلا الله". والجواب: أمَّا الحديث الأوَّل: ففيه الحارث الأعور، قال الشَّعبيُّ وابن المدينيِّ: كان كذَّابًا. وفيه فرات بن سلمان، قال ابن حِبَّان: منكر الحديث جدًّا، يأتي بما لا يشكُّ أَنَّه معمولٌ. وأمَّا حديث ابن مسعود: ففيه عمر بن صُبح، قال ابن حِبَّان: كان يضع الحديث. وأمَّا حديث أبي هريرة: ففي طريقه الأوَّل: عبد الله بن محمد بن يحيى، قال أبو حاتم الرَّازيُّ: هو متروك الحديث. وقال ابن حِبَّان: لا يحلُّ كتب حديثه. وفي طريقه الثَّاني: أشعث، وهو مجروحٌ. وبقيَّة مدلسٌ لا يعوَّل على روايته. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ومكحول لم يلق أبا هريرة. وقد روى محمد بن سعد أنَّ جماعةً من العلماء ضعَّفوا رواية مكحول. وأمَّا طريقه الثَّالث: ففيه معاوية بن صالح، قال الرَّازيُّ: لا يحتجُّ به. وأمَّا حديث واثلة: ففيه مكحول، وقد قلنا فيه، قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وأبو سعيد مجهولٌ. وفيه عتبة، قال عليُّ بن الحسين بن الجنيد: لا يساوي شيئًا. وفيه الحارث بن نبهان، قال يحيى: ليس بشيءٍ. وقال النَّسائيُّ: متروكٌ. وقال ابن حِبَّان: لا يحتجُّ به. وأمَّا حديث أبي الدَّرداء: فقال العقيليُّ في الطريق الثَّاني: إسناده مجهولٌ، غير محفوظٍ. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ في الطََّريق الأوَّل: لا يثبت اسناده، ما بين عبَّاد وأبي الدَّرداء ضعفاء. وأمَّا حديث ابن عمر: ففي طريقه الأوَّل: عثمان بن عبد الرَّحمن، قال يحيى: ليس بشيءٍ، كان يكذب. وقال البخاريُّ والنَّسائيُّ والرَّازيُّ وأبو داود: ليس بشيءٍ. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: متروكٌ. وفي طريقه الثَّاني: محمد بن الفضل، قال أحمد: ليس حديثه بشيءٍ، حديثه حديث أهل الكذب. وقال يحيى: كان كذَّابًا. وقال النَّسائيُّ: متروك الحديث. وأمَّا الطَّريق الثَّالث: ففيه وهب بن وهب، وكان كذَّابًا يضع الحديث بإجماعهم. وأمَّا الطَّريق الرَّابع: ففيه عثمان بن عبد الله، قال ابن حِبَّان: كان يضع الحديث على الثِّقات، لا يحلُّ كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار. وقال ابن عَدِيٍّ: له أحاديث موضوعات. وفي طريقه الخامس: أبو الوليد المخزوميُّ، واسمه: خالد بن إسماعيل، قال ابن عَدِيٍّ: كان يضع الحديث على الثِّقات. وقال أبو جعفر العقيليُّ: وليس في هذا المتن إسنادٌ يثبت. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ليس فيها ما يثبت. وسئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث: "صلُّوا خلف كلِّ برٍّ وفاجرٍ"، فقال: ما سمعنا بهذا. ثُمَّ لو قدَّرنا الصِّحَّة- ولا وجه لها- حملناه على الأُمراء الَّذين يخاف منهم، فيصلِّي وراءهم ما لا يكون إلا بهم، كالجمعة والعيدين. ز: هذه الأحاديث في بعض أسانيدها مجاهيل وضعفاء لم يتكلَّم عليهم المؤلِّف، وقد نُبِّه على بعضهم في الحواشي، وما نقله من الكلام في غير واحدٍ من الضُّعفاء يشتمل على عِدَّةٍ أوهام، وقد نُبِّه أيضًا على بعضها في الحواشي. ثُمَّ إنَّه أخذ يتكلَّم في مكحول ومعاوية بن صالح وهما من رجال الصَّحيح! وقد روى حديث مكحول عن أبي هريرة: أبو داود في " سننه " عن أحمد ابن صالح عن ابن وهب عن معاوية بن صالح. وقال التِّرمذيُّ وغيره: مكحول لم يسمع من أبي هريرة. وروى حديث مكحول عن واثلة بن الأسقع: ابن ماجه في " سننه " عن أحمد بن يوسف السُّلميِّ عن مسلم بن إبراهيم عن الحارث بن نبهان عن عتبة بن يقظان. وروى حديث عثمان بن عبد الله العثمانيِّ عن مالك عن نافع عن ابن عمر: تمَّام في " فوائده " عن أبي الحسن علي بن الحسين بن محمد بن هاشم الوَّراق البغداديِّ عن أبي العباس أحمد بن عمر بن موسى بن زنجويه عن عثمان. وروى حديث أبي الوليد المخزومي عن عبيد الله بن عُمر عن نافع عن ابن عمر: الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد في كتاب " المختارة " من طريق الدَّارَقُطْنِيُّ ثنا يحيى بن محمد بن صاعد ومحمد بن مخلد قالا: ثنا العلاء بن سالم ثنا أبو الوليد المخزومي فذكره. وأبو الوليد المخزومي: اسمه خالد بن إسماعيل، وهو كذَّابٌ وضَّاعٌ، وكأنَّ الحافظ أبا عبد الله لم يعرف اسمه، وفي " المختارة " أحاديث كثيرة ضعيفة، وهذا الحديث منها O.
وقال الشَّافعيُّ: تصحُّ في الموضعين. وقد ذكرنا أنَّ أصحابنا قد رووا عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "لا تقدِّموا صبيانكم". احتجَّ الخصم: 1160- بما روى البخاريُّ: ثنا سليمان بن حرب ثنا حمَّاد بن زيد عن أيُّوب عن أبي قِلابة عن عمرو بن سَلِمة قال: كنَّا بماء ممرِّ النَّاس، وكان يمرُّ بنا الرُّكبان، فنسألهم: ما للنَّاس؟ ما للنَّاس؟ ما هذا الرَّجل؟ فيقولون: يزعم أنَّ الله أرسله وأوصى إليه بكذا. وكنت أحفظ ذلك الكلام، وكانت العرب تلوَّم بإسلامها الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنَّه إن ظهر عليهم فهو نبيٌّ صادقٌ. فلمَّا كانت وقعة الفتح بادر كلُّ قومٍ بإسلامهم، وبادر أبي قومي بإسلامهم، فلمَّا قدم قال: جئتكم من عند النَّبيِّ حقًّا، قال: "صلُّوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصَّلاة فليؤذِّن أحدكم، وليؤمُّكم أكثركم قرآنًا " فنظروا، فلم يكن أحدٌ أكثر قرآنًا مني، لما انفرد بإخراجه البخاريُّ. والجواب: أَنَّه لا حجَّة في هذا، لأَنَّه كان في أوَّل إسلام القوم، ولم يعلموا بجميع الواجبات، وليس فيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرَّ على ذلك. ز: قال أبو داود: قيل لأحمد: حديث عمرو بن سَلِمة. قال: لا أدري أيُّ شيءٍ هذا؟!. وقال الخطَّابيُّ: كان أحمد يضعِّف أمر عمرو بن سلمة، وقال مرَّةً: دعه، ليس بشيءٍ. وقال عبد الرَّحمن بن أبي حاتم في عمرو بن سلمة: وروى بعضهم أنَّ أباه ذهب به إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال الحافظ عبد الغني المقدسيُّ: هو معدودٌ فيمن نزل البصرة، ولم يلق النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يثبت له سماعٌ منه، وقد وفد [أبوه] سلمة على النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد روي من وجهٍ غريبٍ أنَّ عَمْرواً أيضًا قدم على النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1161- وقد روى الأثرم في " سننه " عن ابن مسعودٍ أنَّه قال: لا يؤمُّ الغلام حتى تجب عليه الحدود. 1162- وعن ابن عباس قال: لا يؤمُّ الغلام حتى يحتلم. وذكر أبو الخطَّاب روايةً عن الإمام أحمد في صحة إمامة الصَّبيِّ في الفرض. وقال ابن عقيل: يخرَّج في صحة إمامة ابن عشر سنين وجهٌ، بناءً على القول بوجوب الصَّلاة عليه O.
|